الخميس، 26 مارس 2015

وقفة لأمي


بريق في سماء الكون , إعجاز من الله , أقدس معاني الإنسانية وأعظم هبات الحياة .. 
قيثارة الدنيا وإلياذة السماء , وملحمة الأرض , إنها الأم .



الأم في القرآن الكريم

  •  وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )
  • وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ )
  • ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا )
  • مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ )
  • ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ )
  •  ( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا )







الأم في السنة النبوية 
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ عليه الصلاة والسلام فقال : مَن أَحَقُّ الناسِ بحُسنِ صحابتي ؟ قال " أمُّك " قال : ثم من ؟ قال " ثم أمُّكَ " قال : ثم من ؟ قال " ثم أمُّكَ " قال : ثم من ؟ قال " ثم أبوك " . رواه مسلم
  • عن معاوية بن جاهمة السلمي أنَّ جاهمة جاء إلى النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام فقال يا رسولَ اللهِ أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُك فقال هل لك من أمٍّ قال نعم قال فالزَمْها فإنَّ الجنَّةَ عند رِجلِها. رواهالألباني
  • عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : "أَتَتِ امرأةٌ النبيَّ عليه الصلاة والسلام ، فقالت : يا رسولَ اللهِ إنَّ أمي ماتت وعليها صومُ خَمسةَ عَشَرَ يومًا . قال : أَرَأَيْتِ لو أنَّ أُمَّكِ ماتت وعليها دَيْنٌ أَكُنْتِ قاضِيَتَهُ ؟ قالت : نعم . قال اقْضِي دَيْنَ أُمِّكِ". رواه الألباني


أجمل ما قيل عن الأم :

  • أفضل كتابٍ قرأته هو: أمّي (إبراهام لنكولن)
  • لا توجد في العالم وسادة أنعم من حضن الأم، ولا وردة أجمل من ثغرها (شكسبير)
  • إنّ الأمّ التي تهزّ المهد بيسارها تهزّ العالم بيمينها (نابليون)
  • أمّي هي النّبع الذي استمدّ منه أسمى مبادئ حياتي (جون وسلي)
  • لو كان العالم في كفّة وأمّي في الكفّة الأخرى لاخترت أمّي (جان جاك روسو)
  • إنّ مستقبل الطّفل رهين بأمّه (نابليون)
  • أمّي .. هي التي صنعتني (أديسون)
  • لقد كانت أمّي امرأةً مدهشة.. كانت تضمّ كلّ ما في الأرض من طيبة، أجل كلّ ما في الارض من طيبة (اندريه جيد)
  • كل ما أنا، وكلّ ما أريد أن أكونه، مدين به لأمّي (إبراهام لنكولن)
  • إن صغر العالم كلّه .. فالمرأة تبقى كبيرة (فكتور هوغو)
  • إنّ صلوات الأمّ الصّامتة الرّقيقة، لا يمكن أن تضلّ طريقها إلى ينبوع الخير (بيتشر)
  • الامّ شمعة مقدّسة تضيء ليل الحياة بتواضع ورقّة وفائدة (لي شيبي)
  • الأمومة هي حجر الزّواية في صرح السعادة الزوجيّة (توماس جيفرسون)
  • ما يتعلّمه الطّفل على ركبتي أمّه لا يمحى أبداً (لامنيه)
  • الملاذ الأكثر أماناً هو حضن الأم (فلوريان)
  • لم أطمئن قط إلّا وأنا في حضن أمّي (سقراط)
  • الأمّ هي أقدس الأحياء (كول ريدج)
  • في العالم شيء واحد خير من الزّوجة، هذا الشيء هو "الأم" (شافر)
  • حب الأمّ هو الباقي رغم كلّ شيء (واشنطن مازيتي)
  • قلب الأم هو مدرسة الولد (هنري وورد بيتشر)
  • ليس في الدّنيا فرح يعدِل فرح الأمّ عندما يحالف ابنها التّوفيق (ريتشند)
  • ابحث في قلب أيّة امرأة ... تجد أمّاً (ميشليه)
  • على ركبتي الأم ينشأ أبناء الوطن (جوزيف دي ميتر)
  • البيوت بدون الأمّهات الصّالحات .. قبور (بلزاك)
  • بكِ يا أمّي أستطيع أن أعرف الله وأرى الجنّة (بلزاك)
  • تستطيع أن تشتري كلّ شيء إلّا الوالدين (أيفا داناس )
  • لو جرّدنا المرأة من كلّ فضيلة، لكفاها فخراً أنّها تمثّل شرف الأمومة (جوبيير)
  • قبلة من أمّي جعلت منّي فناناً (بنيامين وست)
  • حبّ الأمّ: يهب كل شيء، ولا يطمع في أيّ شيء (إيتان راي)
  • الأمّ التي تفشل في تربية أبنائها، لن تجد أهميّةً في أيّ نجاح آخر لها (جاكلين كندي)
  • النّاس أبناء الدّنيا، و ا يلام الرّجل على حبّ أمّه ( الإمام علي )
  • إنّ أعظم ما تتفوّه به الشّفاه البشريّة هو لفظة الأم ( جبران )
  • الأمّ شمعة مقدّسة تضيء ليل الحياة بتواضع ورقّة وفائدة ( لي شيبي )
  • الملاذ الأكثر أماناً هو حضن الأم ( فلوريان )
  • ليس في العالم وِسَادَةٌ أنعم من حضن الأم ( شكسبير )
  • قال محمود درويش عن الأم (أعشق عمري لأنّي إذا متُ أخجل من دمع أمّي )
  • قال الإمام الشّافعي: وَاخْـضَـعْ لأُمِّــكَ وأرضها فَعُقُـوقُـهَـا إِحْـدَى الكِبَــرْ
  • تساءل أحدهم في محضر نابليون:
ما الّذي ينقص الشّباب الفرنسيين ليكونوا مؤدّبين ؟
أجابت إحدى السيدّات: ينقصهم أمّهات
فعلّق نابليون قائلاً: هذه كلمة حق
  • قال حافظ ابراهيم :
الأُمُّ مَـدْرَسَــةٌ إِذَا أَعْـدَدْتَـهَـا
أَعْـدَدْتَ شَعْبـاً طَيِّـبَ الأَعْـرَاقِ
الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَـعَهَّـدَهُ الحَـيَــا
بِـالـرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّـمَـا إِيْــرَاقِ
الأُمُّ أُسْـتَـاذُ الأَسَـاتِـذَةِ الأُلَـى
شَغَلَـتْ مَـآثِرُهُمْ مَـدَى الآفَـاقِ
  • قال أبو العلاء المعرّي عن الأم:
العَيْـشُ مَاضٍ فَأَكْـرِمْ وَالِدَيْـكَ بِـهِ
والأُمُّ أَوْلَـى بِـإِكْـرَامٍ وَإِحْـسَـانِ
وَحَسْبُهَا الحَمْـلُ وَالإِرْضَـاعُ تُدْمِنُـهُ
أَمْـرَانِ بِالفَضْـلِ نَـالاَ كُلَّإِنْسَـانِ





حق الأم على ولدها :
للأم على ولدها حقوق كثيرة وكبيرة لا يحصيها المحصي ولكن نذكر منها :
أ - حبها وتوقيرها في النفس والقلب ما استطاع لأنها أحق الناس بحسن صحبته .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال   : جاء رجل إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟  قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك " . رواه البخاري ( 5626 )  ومسلم ( 2548 ) .
فهي التي جعلت بطنها لك وعاءاً وثديها لك سقاءاً ، فحبها لازم ولا بد ، والفطرة تدعو إليه ، بل إن حب الأولاد لأمهاتهم وحب الأمهات لأولادها فطر الله عليه البهائم والدواب ، فبنو البشر أولى بذلك والمسلمون أولى بذلك كله .
ب - الرعاية والقيام على شؤونها إن احتاجت إلى ذلك بل إن هذا ديْن في عنق ولدها . أليست قد رعته طفلاً صغيراً وسهرت عليه وكانت تصبر على أذاه .
قال تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً } ( الأحقاف / 15 ) . بل إن ذلك قد يقدّم على الجهاد إن تعارض معه .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  فاستأذنه في الجهاد فقال له رسول الله  صلى الله عليه وسلم : أحيٌّ والداك ؟ قال : نعم، قال : ففيهما فجاهد .  رواه البخاري ( 2842 ) ومسلم ( 2549 ) .
ت -عدم الأذية وإسماعها ما تكره من القول أو الفعل .
قال تعالى : { فلا تقل لهما أفٍ } ( الإسراء / 23 ) .
فإذا كان الله تعالى حرَّم قول " أف " للوالدين : فكيف بمن يضربهما ؟!! .
ث - النفقة عليها إن أعوزت ولم يكن لها زوج ينفق عليها أو كان زوجها معسراً بل إن النفقة عليها وإطعامها عند الصالحين أحب إليهم من أن يطعموا أبناءهم .
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل فانحطت عليهم صخرة قال فقال بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه فقال أحدهم اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب فآتي به أبوي فيشربان ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي فاحتبست ليلة فجئت فإذا هما نائمان قال فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغون عند رجلي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء قال ففرج عنهم …. " . رواه البخاري ( 2102 ) ومسلم ( 2743 ).
يتضاغون : يبكون بصوت عالِ .
ج - الطاعة والائتمار بأمرها إن أمرت بمعروف ، أما إن أمرت بشرٍّ كالشرك : فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
قال تعالى :{ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً } ( لقمان / 15 ) .
ح - أما بعد موتها فيسن قضاء ما عليها من كفارات والتصدق عنها والحج أو الاعتمار عنها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما :" أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال : نعم حجي عنها ، أرأيتِ لو كان على أمك ديْن أكنتِ قاضيته ، اقضوا الله فالله أحق بالوفاء". رواه البخاري ( 1754 ) .
خ - وكذلك بعد موتها يسنّ برها بصلة من كانت تصله وتحترمه كأقاربها وأصدقائها .
عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ ". رواه مسلم ( 2552 ) .
                                                     المصدر : الإسلام سؤال وجواب 
                                                         الشيخ محمد صالح المنجد

لي أم 

لي أم .. فجلست على عرش الدنيا , لي أم .. فكنت بها اثنين , , لي أم .. فلا أبالي أقبلت الدنيا أو أدبرت , أينعت أم نعت , , لي أم .. فدللني الزمان , , لي أم .. فكل مصيبة تهون , وكل هم يزول , , لي أم .. فأنا قوي جريء , إذا ضاقت الدنيا وسعني صدر أمي , وإن أتعبتنني الحياة فعند أمي الروح والريحان , , لي أم .. فعندي مفتاح الجنة , , لي أم .. فتوسدت الحب وتلحفت الحنان , لي أم .. جمعت شتاتي ولمت شعثي , هي الأمان .. هي الحكمة ,هي القرطاس والقلم , هي الكتاب الذي أقرأ فيه أوراقي وأرى فيه تاريخي . 
تقرأ أسراري وتعرف باطني وتدرك أبعاد نفسي , آه ما أطول السنين التي جهلت فيها أمي , والله ما أشد صبرها على عقوقي . 
إن الوطن إذا لبس أقدس معانيه , وتعطر بأجمل أسباب روعته , وتزين بأبهى زينته , لا يضاهي أبسط معنى من معاني الأم , ذلك لأن المرء يقضي حياته من الطفولة إلى الكهولة في وطنه ثم يدفن في ترابه , ولكنه صار في بطن أمه من العدم إلى الوجود ومن الغيب إلى الحقيقة , إن بطن الأم هو أقدس الأوطان , وأروع أزمنة التاريخ , إنه الزمان والمكان الذي يبعث فيه الوجود وتنطلق منه الحياة , فإذا ماتت الأم مات الزمان والمكان , ومات التاريخ والجغرافيا , ونزعت من الأشياء المعاني فصارت كلها سواء , و نزعت من الدنيا الرحمة فصارت كلها بلاء . 
إن معنى الأم الذي يجهله الناس , جمعه القرآن في أمر ونهي , فأمر بالإحسان إلى الوالدين , ونهى عن أبسط أنواع العقوق وإن كان بلفظ من حرفين ( أف ) . 
وما أمرُ الله للإنسان بخفض جناح الذل للوالدين من الرحمة إلا بيانا من الله بأن عطاء الأم والأب الذي يجهله الأبناء لا ينبغي أمام عظمته إلا الإقبال عليهما بأعلى مراتب الرحمة وهي الذل, ليكون الولد في أوج قوته أمام الوالدين في كبرهما وضعفهما متواضعا ذليلا, وهذا أفضل حالات الاعتراف بالفضل , وأعظم ترجمة للبر , هذه حالة لا يدرك أبعادها إلا الله سبحانه . 
إن كانت الأم حبا فهي أجمله , وإن كانت عطاءا فهي أفضله , وإن كانت احتواءا فهي أكمله, الأم هي الثوب الذي تلبسه فيمنحك الحياة بكل معانيها . 
إنها الكائن الضعيف الرقيق الذي يتحول إلى بركان ثائر ووحش كاسر إذا مس أولادها مكروه أو أرادهم أحد بسوء , عطاؤها لا يعرف قانونا , ولا يرتكز على نظام , ولا يركن إلى منطق , عطاء يوقف إعمال العقل وأسبابه , فهي معك دائما . 
عند الأم أنت دائما على صواب , لا تفهم إلا أن تكون معك ولك , تحب من يحبك وتبغض من يبغضك . هي صفوة الحب والعطاء والأمن والأمان والرحمة والاحتواء , ولا ترجو مقابل ذلك إلا أن تسعد أنت وترضى . 
لو فقدت المرأة أسباب الجمال وقال الناس عنها دميمة , لكفي بها عزا وشرفا وفخرا وجمالا أن تكون أم , وكم يساوي جمال الدنيا إذا قيس بلحظة يلعب فيها صغارها من تحت خصرها ؟ أو حالما تفتح ذراعيها لصغير يركض نحوها ويقول .. ماما ؟ حتى إذا جاءت أجمل النساء لتجلب هذا الصغير إليها ما استطاعت وما تحول إليها طرفة عين , ذلك لأن الأم هي قُبلة السماء على جبين الأرض , وقِبلة الصغار التي إذا أرادوا أن يتحولوا عنها تحولوا لها , إذ يجدون فيها الروح والأمن والصلة .. والصلاة . 
إنها المخلوق الوحيد الذي لك فيه حق الرحمة , فإن رَوَّحت لن يكون لك حق في أحد , إنها مذيب الهم الذي يحيل حياتك إلى لطف خالص , ومزيل الغم الذي يبعث فيك نسائم الأمل وينفث فيك البهجة الحياة , إنها الترياق الذي يعالج سموم الدنيا ويطبب علتك . 
إن اليد التي طالما مدت بكل أسباب الرحمة والعطاء , آن لك أيها الابن اليوم أن تنحني وتقبلها , وتلك الهامة التي طالما طاولت عنان السماء لتسمو بك وترقى آن لك أن تتوجها بكل أسباب البر . 
أماه .. دعيني أنظر في وجهك لأرى عقوقي وصبرك , وأنظر في عينيك لأرى جحودي ونكراني وعظيم حلمك , دعيني ألمس يدك لأرى دفْ عطائك وروعة وصالك , ماذا أقدم لك اليوم لأقر بتقصيري وعقوقي ؟ وماذا اقرأ في كتابي غير جهلي ورحمتك ؟ وماذا أرى فيه إلا أسبابا من عطائك وأسبابا من جحودي ؟ أمي .. كلمة تعطر أنفاسي وتملأ خاطري نورا وأمنا , أمي .. كلمة جمعت من كل شيء جماله , ومن كل معنى جلاله , ومن كل وصل وصاله , إنها الرحمة والرَّحِم . 
دعيني أنظر إليك لأرى النور الباسم بإشراق نفسك , ودعيني أحلق في السماء بروعة إقبالك واستقبالك , دعيني أقبل يديك وراسك , يا رائحة الشمس وعفو الظل وبر النور , يا باقة الحب يا رواء الروح , يا أبهى عطاء الرب . 
أسأل الله أن يبارك في عمرك على الصحة والعافية والطاعة, وأن أكون لك نعم الولد كما أنت لي نعم الأم .
                                                      بقلم : أحمد المنسي

من حقوق الأم على أولادها 

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة:281]

أيها المسلمون: كثر في الناس عقوق الأمهات، والانشغال عنهن بالزوجات والأولاد؛ ولأن الأم أضعف الأبوين فيجترئ الأبناء والبنات عليها ما لا يجترئون على أبيهم؛ ولذا أكد النبي صلى الله عليه وسلم على تحريم ذلك، وخص الأمهات بالذكر فقال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الله حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ)) رواه الشيخان.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: ((قيل خص الأمهات بالذكر لأن العقوق إليهن أسرع من الآباء؛ لضعف النساء؛ ولينبه على أن بر الأم مقدم على بر الأب في التلطف والحنو ونحو ذلك)).

وقال النووي: ((وأما عقوق الأمهات فحرام وهو من الكبائر بإجماع العلماء وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على عده من الكبائر)).

إن بعض الشباب تأمره أمه بأمر فيرفض أمرها، أو يؤخر طلبها، ويقدم مطالب أصحابه على مطالب أمه، وهذا من أبين العقوق، ومن نكران الجميل.

ولعظيم حق الأم قرر جمع من العلماء أنها إذا نادته وهو في صلاة النافلة فإنه يقطعها ويجيب أمه، قال مكحول رحمه الله تعالى: ((إذا دعتك والدتك وأنت في الصلاة فأجبها)).

فكيف بمن تناديه أمه وقد علق هاتفه في أذنه فلا يقطع مكالمته ويجيبها بل يستمر على حاله وهي تناديه المرة بعد المرة، ولربما كانت هي في حاجة ملحة، وقد يزجرها إن كررت ذلك عليه، وهذا من العقوق الذي يقع فيه كثير من الناس.

وعلى الولد أن يكون فطناً لحاجات أمه فيعرفها قبل أن تبديها له؛ لأن كثيرا من الأمهات يمنعهن الحياء من إبداء حاجاتهن لأولادهن ولا سيما إن كانوا كبارا. ولن يفهم الولد مطالب أمه، ويعرف احتياجاتها قبل أن تطلبه إلا بكثرة مجالسته لها، واستعمال نفسه في خدمتها، فيعرف ما تحب وما تكره، ويعرف متى ترضى ومتى تغضب، ويستطيع اكتشاف ما تخفيه عنه من حاجاتها وأحوالها.

ومن فطنة الولد وحسن تعامله مع أمه أن يتعاهدها بالمال، فكلما رزق مالا اقتطع لها حصة منه لا يخل بذلك أبدا ولو كانت أمه غنية؛ فيبارك الله تعالى في ماله بسبب ذلك، فإن كانت محتاجة ولا تبدي حاجتها وقع عطاؤه لها في موقعه، وكان ذلك من أبلغ صور البر والصلة، وبر الوالدين سلم يصل بصاحبه إلى الجنة.


المصدر : شبكة الألوكة


أغلى الحبايب


أمي يا أغلى الحبايب
يا قمر ضوى الظلام
قدرك الغالي بخفوقي
أعلى من وصف الكلام
عانقي كوني بحضورك
و أنثري فيه الوئام 
و أحضني غربة شعوري
بفيض عطفك و الغرام
أنتِ يا بسمة شفاتي
ملجأ أمني و السلام
عسى عني ما تغيبي
أنتِ درعي من الملام
هيبتك عز و مهابة
و طلتك بدر التمام 
أمي يا جنة حياتي
يا تغاريد الحمام 
صوتك الحاني هناي 
و دعوتك أعظم وسام
ربي يحفظ لي وجودك
و يعلي قدرك و المقام
♥♥♥♥♥
كلمات : أمينة العثماني
آداء وألحان : المنشد أحمد أفلاطون
تسجيل : بكر حسن
مكساج : عمر المعيادي
تنفيذ : مؤسسة بصمة إبداع الإعلامية
مونتاج : فريق بنات مكة التطوعي

رابط الفديو :
http://www.youtube.com/watch?v=0SeDaDeYMQg




على ضفاف الحبّ
م. عبد اللطيف البريجاوي

كيف يكتب المرء عن حبه لأمّه, ومدى تعلّقه بها ومدى حنينه إلى حضنها!!
وهل لشاعر أن يصف هذا الحبّ؟ أو لكاتب أن يسطّره أو لعباراتٍ أن تحتويَه؟!
وإني لأجزم - والله - إنّ كلّ ما كُتب ونظم عبر العصور والأزمنة والدهور, لا يكافئ سطراً واحداً من حبّ المرء لأمّه.

أمّي الغالية: 

يعجز القلم عن رسم شكل من أشكال حبّك أو توضيح لون من ألوانه.
فحبّك أشكال وألوان؛ وأنهار وبحار, وسماء وأمطار؛ وورد تتفتح على خدود آذار.
إنّ الأشكال لتعجز أن تحيط بهذا الحبّ, وإنّ الألوان لتحتار كيف ترسم طيَفه أو ظلاًّ من ظلاله.
وكيف يرسم المرء بقلمٍ أنت فيه البدايةُ والنهاية, وكيف يكتب القلمُ عمّن علّمه مسك القلم؟! وكيف يمدح الحرف من علمه نطق الحروف؟!
حبّك أشكال وألوان, لا يستوعبه شكل, ولا يحدّه لون, ولا تتّسع له آفاق الدنيا.
فيا ترى ماذا يحبّ المرء في أمّه؟
أيحبُّ فيها الحنان الذي ملأ أركانه!
أم التفاني الذي أخجل ضميره وأعيا جنانه!
أم يرى فيها الطّيب الذي ملأ الكون وعطّر أركانه!
في كلّ يوم مع تلاوات آيات الفجر المشهود, أنادي الربَّ المعبود وأتبتّل إليه تبتّل العابدين, أن أكون بين يديك رضيّاً وبخدمتك حَفيّاً.
وكيف لا ومن حصل له الرضا من أمّه, والخدمة لها كان في الجنّة لا محالة بإذن الله.
كلّ زهرات الكون لا تساوي ضحكة من ضحكاتك, وكلّ أنهار الأرض لا تعدل عندي دمعة من دمعاتك؟!
أيّ حضن أهنأ من حضنك؟! وأيّ حِجْر أوسع من حِجْرك وأيّ وسادة أنعم من يديك؟!
وهل جمال الكون إلا بعضٌ من رضاك؟ وهل ضحكات الحياة إلا بعضٌ من ضحكاتك.
وهل يحتاج حبّ المرء لأمّه إلى دليل أو إثبات؟!
لعمري إنّ هذا لهو العقوق الخفيّ.
لكنّ المشكلة أنّ الإنسان من شدّة القرب ينسى الحبّ, ويسبح في عالم الاستغلال والانتهاز لمن يحبّ !

أمّي: 

كيف لا يحبّك القلب وهو الذي جاور قلبك تسعة أشهر, يسمع دقّات قلبك, ويسبح في بحر فضلك, ويتّكئ يمنة ويسرة على وسائد الحنان في رَحِمِك؟!
كيف لا يحبّك القلب وقد جعل الله الجنّة تحت قدميك, وجعل دخول الجنّة بسبب الإحسان إليك؟!
لن تجد في الكون إنساناً إلاّ يحبّ أمّه, وإن بدا منه ما يبدو من الأولاد من صدود وردود وجفاء.
كيف لا يحبّها وهي التي حملته كُرْهاً ووضعته كُرْهاً
إنّ أغلب الأولاد لا يرون في أمّهاتهم إلاّ الحنانَ الذي يُنْتَهز والطيبة التي تُسْتَغل, وإنّ أغلب الأمّهات لا يرين في هذا الانتهاز وهذا الاستغلال إلا جمالاً يداعب أجفانهنّ, وحنيناً يلامس أفئدتهنّ , ويا للعجب كيف يحب المرءُ أن يُستغل ويُنْتَهز!!
لكن لا عجب في ذلك إذا كان المستغِلُّ هم الأولاد والمستَغَلَّة هي الأمّ.

أمّي الحبيبة:

إنّ للجنّة دروباً أنت خطاها, وللنّار حجاباً أنت ستائرُه, وإنّ للنجاح سلّماً رضاكِ درجاتُه, وللفشل أودية غضبك دلالاتّه.
فَمُنّي علينا بخطى الجنة وأكرمينا بستائر النار وتفضّلي علينا بدرجات النجاح والتوفيق, على الرغم من تقصيرنا وسوء أدبنا.

أمّي:

لقد جعل الله عقوقك ذُلّاً في الدنيا وخسارةً في الآخرة, فأزيلي عنّا هذا الذلّ وادعي الله لنا أن يجعل تجارتنا رابحة فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « رَغِمَ أنف رَغِمَ أنف رَغِمَ أنف رجل أدرك والديه أحدهما أو كلاهما عنده الكبر لم يدخلاه الجنة » [مسند الإمام أحمد مسند أبي هريرة].

أمّي الجميلة:

وهل هناك جمالُ امرأةٍ كجمال وجه الأمِّ؟!
فأوّل امرأة تتفتّح عليها العيون وجهُ الأمِّ فلم لا يأنس به, ويلتجئ إليه, وهو الذي لا يعرف وجه امرأة غيرَه ولا ابتسامةَ ثغرٍ غير ابتسامةِ ثغرها.
كل امرئ يحبُّ وجه أمّه ولو كانت دميمةَ الخِلْقة, فهو الوجه الذي ضحك له في طفولته, وآنسه في رجولته.

أمّي:

كلّما نظرْتُ إليك وأنت تصلّين وتستغفرين شعرت بأمن يسري في كياني, لأنّي قد تيّقنت أنّ هناك من يدعو لي ويترضّى عنّي.
وكلّما ضممت صغاري شعرت بالأمن الذي كنت تمنحين؛ وبالحنان الذي كنت به علينا ووالدي تجودين, وبالجهد الذي كنت وإياه تبذلين.
أجملُ صباحٍ صباحُ وجهك, وأجملُ الأيّام يوم رضاك, وأطيب الطعام طعام يديك

صباح الخير يا حلوه..
صباح الخير يا قدّيستي الحلوة
عرفت عواطف الإسمنت والخشب
عرفت حضارة التعب..
وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها..
إليّ عرائس السّكر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشلني إذا أعثُر
أيا أمّي..
أيا أمّي..
أنا الولد الذي أبحر
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر
فكيف.. فكيف يا أمي
غدوت أباً.. ولم أكبر؟

سلُوا كلَّ من فَقَد أمّه فإنّه سيقول لكم:
لقد فقدتُ الحياة والبركة والحب والعطف والحنان فقدت الصوت الموجِّه والصدر الحنون, والمرشد النّاصح والمحبّ الخالص.
سلوا كلَّ من فقد أمّه فإنّه سيقول لكم:
                                          يمينا لست أنساك
كتبتُ إليكِ يا أمّي
نشيداً في المَدى انسَرَبا
أُعبّرُ فيه يا أمّي
عن الدمع الذي انسَكبا
عن القلبِ الذي اضّطربا
عن الفكر الذي شرَدا
عن الشوق الذي اتَّقدا
ولم أُشعِرْ به أحَدا !
فمنذ رحلتِ يا أمي
وحزني، آهِ مِن حزني !
يُطاردُني
يحاصرُني
فتَفضَحُ عبرةُ العين ِ
بصمتٍ بعضَ أشواقي
فأسجدُ في مَدى الصبر ِ
وتسري نغمةُ الشكر ِ
بأعماقي وأوراقي
..
على الشباّكِ يا أمّي
وقفتُ بظلِّ ذِكراكِ
هنا كنّا بأكنافِ الهَنا نَسمَرْ
بظلّ الليلِ إذ أقمَرْ
هنا الأوراقُ والقلمُ
هنا المصحَفْ
هنا الإيمانُ قد رفرَفْ
..
ولا تدرينَ يا أمي
ولا أدري متى ألقى مُحياّكِ ؟
دعوتُ اللهَ يا أمي
ليجمعَنا بميعادِ
هناكَ بصحبة الهادي
هناكَ سيَنجلي همّي
ويَسعَدُ قلبيَ الباكي
وحتّى ذاكَ يا أمي
يميناً لستُ أنساكِ

[د. عبد المعطي الدالاتي- مصباح الفكر]

أمي: 
أحارُ كما يحارُ الملايين!
وأحار كما حار الملايين!
وسأظلُّ أحار كما سيظلُّ يحار الملايين!
سأظلّ أتيه بين أزقّة البيان وأودية الشعر! وأغرق في بيان البلغاء وعبارات الخطباء!
وأستجدي العلماء والأدباء!
أبحث عن جواب لسؤال حيّرهم جميعاً, وأحرجهم جميعاً, واستصغرهم جميعاً!

كيف يمكن أن أفيَك ولو جزءاً من حبِّك؟!
وهل يرقى الإنسان لِيَفيَ أمّه جزءاً من حقّها, أو زفرةً من زفراتها, لعمري إنّ هذا الأمر لتنقطع فيه أعناق الإبل, وتفنى فيه أعمار الرجال, ولا يصلون إليه.
كيف أفيك جزءاً من حقّك وقد جعل الله خدمتك جهاداً يعدل قتال الأعداء؛ في معركة يسيل فيها الدماء, ويُُقتل الرجال, ويُيتَّم الأطفال, وتُسبى النساء فجعل رضاك أثقل من كلِّ ذلك؛ فعن عبد اللهِ بن عمرٍو رضيَ اللهُ عنهما يقول: «جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلّى الله عليه وسلم فاستأذَنهُ في الجهادِ فقال: أحيٌّ والِداكَ؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد» [ متفق عليه]
بل كيف أفيكِ حقّك وقد جعل الله ضحكتك تعادل هجرة في سبيله, يترك المرء فيها مالَه وأهلَه وعشيرته, فجعل ضحكتك أنفس من ذلك كلّه؛ فعن عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي جِئْتُ أَبَايِعُكَ علَى الهِجرَةِ وَلَقَد تَرَكتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَان قَالَ: « ارْجِعْ إلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا ».[ النسائي كتاب البيعة- باب البيعة على الهجرة].
كيف أفيك حقّك وأنت جواز مروري إلى الجنّة وصكَّ براءتي من النّا,ر وقد جعل الله رضاك توقيعاً يطأطئ له خزنة النار, وتتلقّفه ملائكة الجنّة مستبشرين مسرورين؛ فكما قيل: فليعمل البارّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار, وليعمل العاقّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة [تفسير القرطبي تفسير سورة الإسراء الآية 23].
كيف لا أبرّك وقد جعل الله برّك سبباً لقبول دعائي وتضرّعي إلى الله, فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلّى الله عليه وسلم َيقُولُ: « يَأْتِي عَلَيْكُمْ أوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِن مُرَادٍ، ثُمَّ مِن قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرصٌ فَبَرِئَ مِنهُ إِلاَّ مَوضِعَ دِرهَمٍ, لَهُ وَالِدةٌ هُو بِها بَرٌّ, لَو أَقسَمَ عَلَى اللّهِ لأَبَرَّهُ, فَإِنِ استَطَعتَ أَن يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافعَلْ».قال عمر رضي الله عنه: فَاسْتَغْفِرْ لِي فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.[مسلم كتاب الفضائل- باب فضائل أويس القرني].

أمّي:

أحنّ إليك, وأشتاق لنظرة من عينيك, فأنا الرجل الذي مازال يرى دلاله بين عيني أمّه, وأنا الرجل الذي طالما حننت لأنام على ساعديك واحتاج إلى ضمة إلى صدرك.

أعــودُ إليـــكِ يــا أمّــــي
أعـــودُ لصــدركِ الحـــانــي
أعـــودُ بكــلِّ أشــــواقـي
وأشـــــجانــي وأحـــــــزاني
فضمّينـــي وضمّـــــيني
فإنــَّــكِ ملجـــــــئي الثانـــي
أحـــنُّ لقبــــلةٍ كانــــــتْ
تهدهدنــــــي وتــــرعــــاني
أحــنُّ لصوتـكِ المحزون
أيـــــا وحــــــيي وكتمانـــي

أعـــــودُ إليــكِ يا أمّـــــي
سجينـــاً مـــــلَّ مضجعــــهُ
أعـــــودُ إليــكِ يا عمـري
نشـــيداً ضـــاعَ مطلعــــــهُ
فعـُــدتُ اليــومَ من وجدي
علـــى كفَّــيكِ أجمعـــــــــهُ
وقلبـــــي لـــو كشفتيــــــهِ
وجـــدتِ رضــــاكِ أفرعهُ
ولـــو كـــانَ الجفا رجــلاً
بحــــدِّ الســـيفِ أصــــرعهُ

[عبد الناصر رسلان – ديوان زهرة من بستان الأرقم]

آه ما أجمل ضحكةَ ثغركِ الجميل.
ضحكاتك يا أمي لا مصلحةَ فيها ولا رياء.
فهي تنبعث بسلاسة وبساطة وهدوء.
تضفي على القلب حناناً واطمئناناً وروعة.
تجعله آمناً هادئاً

أمّي
 إني أحبّك وأحبّ لك الخيّر, وأحب لك الهداية, كما أحبَّ أبو هريرة الخيرَ لأمّه والهداية لها فعن أبي هُرَيْرَةَ رصي الله عنها قَالَ: كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَىٰ الإِسْلاَمِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْماً فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللّهِ مَا أَكْرَهُ فَأَتَيْتُ رَسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسلاَمِ فَتَأْبَى عَلَيَّ فَدَعَوْتُهَا اليَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللّهَ أَنْ يَهْدِي أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : « اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَة َ» فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِراً بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَىٰ الْبَابِ فَإِذَا هُوَ مُجَاف فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ فَقَالَتْ: مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ قَالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ اللّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَىٰ رَسُولِ اللّهِ ، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَىٰ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ, فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَىٰ عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْراً قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ ادْعُ اللّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَىٰ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : «اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هٰذَا ـ يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ ـ وَأُمَّهُ إِلَىٰ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ. وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ [مسلم كتاب الفضائل -باب من فضائل أبي هريرة]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق